25 يونيو 2013

موسم تدمير الأخلاق..... بقلم المصطفى ولد مناه..


يذكر حافظ نيسابور أبو منصور الثعالبي في "لطائف المعارف" عدة ظواهر وتشوهات أخلاقية تفشت في عهد أمراء وسلاطين تبرز لنا مدى تأثير الحكام على أخلاق الناس وسلوكهم سلبا وإيجابا.
فيروي أن عبد الملك بن مروان غلب عليه حب الشعر، فكان الناس في أيامه يتناشدون الأشعار ويتدارسون أخبار الشعراء، في حين لما كان سليمان بن عبد الملك صاحب الطعام والنساء، كان الناس في أيامه يصفون ألوان الأطعمة ويذكرون أطايبها، ويستكثرون من الحرص على أحاديث النساء، ويتساءلون عن تزوج الحرائر، والاستمتاع بالسراري، ويتجاوزون في ذلك.
 أما عمر بن عبد العزيز فلأنه أحب الصلاة والصوم صار الناس في أيامه
يتلاقون، فيقول الرجل لأخيه: ما وردك الليلة؟ وكم تحفظ من القرآن؟ وبكم تختمه؟ وكم صليت البارحة؟ وهل أنت صائم؟.
 وفي تاريخ الطبري أنه لما حمل أحد قادة الجيش إلى عمر بن الخطاب سيف كسرى وجواهره، بعد هزيمته أمام المسلمين، فإن أمير المؤمنين قال: إن قوما ادوا هذا لذوي أمانة، فعلق عليه علي بن ابي طالب قائلا له : إنك عففت فعفت الرعية.
 هذا التفاعل بين الحاكم والمحكومين، ودور المسؤولية السياسية في التأثير على الناس هو ما يجب أن ينتبه إليه قادة الرأي، بأن يعطوا أولوية لسلامة أخلاق الشعب قبل أرزاقه، إذ إن الأخلاق هي الأساس المتين لكل بناء تنموي، والدرع الواقي للوحدة الوطنية.
 ففي تاريخ الأنظمة التي حكمتنا نجد أن كلا منها له نصيب في نقض عرى الأخلاق، لكن ما تشهده الأخلاق اليوم في عهد النظام القائم من التدمير هو أمر يدعوا للقلق على مستقبل الوطن بكل أطيافه.
 لقد طالت مطرقة هذا التدمير "الأخير" كل أركان الأخلاق حتى باتت أمواج الجرائم "الأخلاقية" تتقاذف المجتمع، ففي الأشهر والأسابيع الماضية أطلقت رصاصات أخلاقية خطيرة على "رجاء" الوطن في جميع أبنائه وتم خرق ثوب آماله.
 وكان "للأعين النجل وذواتها" حضور كبير في التفاصيل، أصبحن متهمات بحل عقد عزم الحرب على الفساد بسحرهن، وقد يقتلن "وهن أضعف خلق الله".
 أخشى "أن نألف المأساة" في موسم تدمير الأخلاق، بعد مواسم ألفنا مآسيها حتى لم تعد الأوجه تتمعر لانتشار الرشوة، والزبونية، والخديعة بين الجميع، بل وصل الجرم إلى النيل من شعائر الإسلام، (اللحى مثلا)، وأصبح فقهاء البلاط ينظرون ويفتون بجواز كل ذلك إن لم يكن باستحبابه.
 ومن المؤسف جدا في ظل هذا التدمير للمنظومة الأخلاقية أن نجد الطبقة النخبوية السياسة في وطننا تعيش سلبية مقيتة لم يعرف التاريخ لها مثيلا ، فقد ألهتها المناصب وشغلتها الأرزاق عن حماية الأخلاق من مخالب النظام وأتباعه، والمطالبة بذلك.

ليست هناك تعليقات: